مقام ابراهيم
مقام ابراهيم بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) ايات بينات مقام ابرهيم ماهي تلك الايات البينات التي قال عنها مقام ابراهيم؟
أولًا لنرى موضوع او معنى البينات والايات البينات (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ) نرى انه يتكلم عن ايات مكتوبة نزلت الى الرسول لتبين له الحقائق من غير اكاذيب البشر (وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) كذلك يتكلم عن ما في الكتاب من ايات تبين للرسول الحق وتبين سبل الهدى (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ايات مبينة تبين لهم ما اختلفوا فيه ... (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) هنا قال انزلنا اليك الذكر لتبين للناس وهذا الذكر فيه ذكر الاولين من الرسل والانبياء وما فعلوا وما ما فعل معهم قومهم وكيف كانوا مخلصين لربهم وهناك ايات متشابهة كثيرة تفيد نفس المعنى.
وهناك ايات بينات ليست على شكل كلام وانما ايات مرئية وتعني دلائل وبراهين يرونها تؤكد صدق من اتى بها مثل ايات موسى مثلا نعود للقسم الاول من الاية لنرى ما نوع الايات البينات التي قال عنها مقام ابراهيم وما هو المقام ؟ ان اول ببت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين..
والسؤال كيف يكون البيت هدى للعالمين ولماذا قال عنه مباركًا!
الهدى هو عكس الضلال، ولنتكلم بلساننا اليوم ليكون المعنى اوضح فالطالب مثلا يذهب للمدرسة ليعلم وبعدها يهتدي وعكس ذلك غافل لا يعلم فلا يهتدي ويكون ضال.. لذا فإن الحديث عن هذا البيت الذي هو مباركا كثير في محتواه من علم وخير للناس وهدى لهم ليعلموا طريق الحق ودين الاسلام لله الذي ينجيهم وليكونوا بأمان ... والبيت هنا جاء وفق السياق بمعنى الدين الحق فالبيت بمعناه المجرد هو جامع وحاوي لما فيه أو داخله وهذا الاخير يختلف قياسه وفق السياق والموضوع فقد يكون بيت للناس يحوي عدة افراد واغراضهم ومعيشتهم، وقد يكون البيت دين حاوي لكل ما فيه من تعاليم وقصص وأيات، وقد يكون دولة حاوية لقوم بأكملهم وهكذا حسب السياق.
وهنا أتت بمعنى الدين فهذا البيت فيه أيات بينات مقام ابراهيم المقام هي كلمة لها اصل وفعلها قام أو يقيم واسمها قائم وكل ذلك هو تصاريف الكلمة، والذي يهمنا هو معناها فالمعنى ثابت والقياس مختلف وهناك كلمة معاكسة وهي قاعد لان كلمة قائم تعني ان الشخص في حالة مستمرة بفعل أو عمل شئ ما، أو حتى على حالة تأهب واستعداد للفعل أو العمل عكس القاعد المعطل والغير مستعد لهذا الفعل أوالعمل ونعرض اية لتبين لنا معنى الكلمة (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ما دمت عليه قائمًا أي متابعًا له تذكره او تضغط عليه أو أي عمل كان يجعل المقابل ان يعمل على إعادة المال لذا فهو يقوم بمتابعة هذا الشخص فهو قائمًا عليه.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) تحث الاية على الرسول ان يتهجد في الليل ليبعثه الله مقامًا محمودًا ... يكون في حياته الاخرى بمقام محمود من ربه ومن الملائكة وسعيه سيكون مشكورا من ربه وليس معنى أن يقول له شكرًا فالشكر ليس قول كما اشرنا في مقال مسبق.
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) نعود لمقام ابراهيم وهذا المقام قال عنه الله أيات بينات لذا فإن مقامه هو ماكان قائمًا به في حياته، وكيف أخلص لربه وكيف كان حنيفًا مسلمًا وأياته في الكتاب. فالكتاب هو نفسه نزل لبني اسرائيل من قبل وكيف جعله الله إمامًا للناس ليحتذوا به وقد ذكره الله في كتب بني اسرائيل والتوراة والانجيل ثم القرءان. وقال بعدها من دخله كان امنًا وتعني من دخل دين الاسلام لله كان امنًا
(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) اولئك كانوا مسلمين حنفاء لم يشركوا فوعدهم الله بالامن ووقاهم العذاب
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) نلاحظ كيف أن الكلام لأهل الكتاب بأنهم يكفرون بايات الله وهم شهداء لديهم كتاب من ربهم فيه نفس الايات المذكورة في الكتاب الذي نزل على الرسول لكنهم اشركوا فكفروا بما نزل من الحق وكانت افترائاتهم كثيرة مثل حالنا اليوم.
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) فالبيت كما ذكرنا هو دين الله الدين الحاوي لكل شي من أيات وتعاليم وهدى وغيرها، وهذا البيت هو مثابة للناس وأمنا لهم لمن اسلم لله والله جعل ابراهيم امامًا للناس فأياته وما قام به بحياته من اقامة الصلوة وتعليم الناس هدى الله وغيرها كل ذلك مصلى للناس وما فعله هو انه اقام الصلوة...
وأمره الله هو واسمعيل ان يطهرا بيته ويعني ذلك ان يطهرا الدين من أي شرك ويجعلا الدين خالصا لله وحده من غير افترائات ولا تَقّول على الله ليكون نبعًا صافيًا للناس بكل انواعهم سواء من اتى من مكان اخر او من كان هناك يقطن المنطقة، وللركع السجود المنيببن الراجعين لله والمنفذين لأوامره. وهنا سأعرض أية من أيات بينات مقام ابراهيم (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
وغيرها الكثير من أيات قصة ابراهيم وما كان قائمًا به ليكون اسوة نقتدي به..
وهذا هو فهمي للأيات المبينة لمقام ابراهيم وادعوكم للتفكر ومراجعة الكتاب ولتقارنوا ما قال الله وما نراه اليوم عن مقام ابراهيم الذي مثلوه بقدمين مطبوعتان على طين في الارض وتركوا تلك الايات العظيمة، واتبعوا افترائات قوم ضلوا واضلوا امما من بعدهم...
نحمد الله ونسأله ان نتخذ من مقام ابراهيم مصلى.
التعليقات على الموضوع (8)