الاشهر الحرم والنسئ
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرًا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡ وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةً وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٣٦ إِنَّمَا ٱلنَّسِيٓءُ زِيَادَةٞ فِي ٱلۡكُفۡرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطُِٔواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ أَعۡمَٰلِهِمۡ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٧) التوبة
يضع الناس انفسهم في متاهات وصعوبات في ابتداع امور لم يقلها الله ولم يكن نسيا في قولها وإنما رحيمًا وعليمًا وحكيمًا. فعندما نأتي ونقرأ الاية اعلاه نرى ان الله يبين لنا أن عدة الشهور (وليس عدد الاشهر والفرق كبير).
لأن الشهور تتكون من اثنا عشر شهرًا وأربعة منها حرم ولايمكن لأى أحد من البشر أو من الملائكة أن يقول أن تلك الأشهر هى صيفًا أو شتاءًا أو تلك الأسماء التى وضعوها وأصبحت دينًا علينا وتشريعًا لم يذكره الله ابدًا. ولا أقصد أن تسمية الاشهر فعل حرام ولكنه ليس تشريعًا ومتروك للناس يسمونها ما يشائون.
المهم... ليس هذا هو الموضوع الذى أردت تسليط الضوء عليه وإنما أردت أن اذكر بموضوع أن الله لم يقل أن هناك اشهر تقع في بداية سنة أو في ربيع أو وقت تكاثر الحيوانات وإلى اخره من استنباطات واجتهادات، لم يأتينا ذكر من الله عليها وبالتأكيد لم يجعل الله تلك الاشهر المحرمة غير معلومة:
(ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٩٧) البقرة
وإنما جعل علمها لكل قوم وزمن. ومثال للتوضيح: نفرض أن الأشهر المحرمة التى يختارها أهل العراق تكون أربعة أشهر في السنة وكما قال الله في كتابه العزيز:
(إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرًا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡ وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةً وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٣٦) التوبة
إذ أن عدة الشهور وليس عدد الاشهر هو اثنى عشر شهر وأربعة من هذه الاشهر هن حرم، ولم يقل أين تقع هذه الاشهر، وانما فقط قال أربع اشهر حرم لذلك تكون لدى العراق مثلًا أحد اوقات أو أحد الأهلة هي موقت الحج لديهم. وتكون أربعة حرم مثلًا. فتكون أول أربعة أشهر أو ثانى أو ثالث أربعة اشهر وكذلك حال باقى القرى أو البلدان. وحتى وان تصادفت مع غيرهم يعني حتى لو كانت نفس اختيار قرية اخرى.
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَلَا ٱلۡهَدۡيَ وَلَا ٱلۡقَلَٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ يَبۡتَغُونَ فَضۡلًا مِّن رَّبِّهِمۡ وَرِضۡوَٰنًا وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٢) المائدة
فقد كان هناك من يأتى من مختلف القرى ليحجوا البيت ويبتغون فضلا من ربهم ورضوانا، ثم ذكر الله بعد هذه الاية مسألة النسئ.
(إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرًا فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَآ أَرۡبَعَةٌ حُرُمٞ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ فَلَا تَظۡلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمۡ وَقَٰتِلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ كَآفَّةً وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٣٦ إِنَّمَا ٱلنَّسِيٓءُ زِيَادَةٞ فِي ٱلۡكُفۡرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطُِٔواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ أَعۡمَٰلِهِمۡ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٧) التوبة
الذى كان يفعله الكافرون هو النسئ الذى هو زيادة في الكفر فهم يقومون بتحلة الاشهر الاربعة الحرم فى عام ويحرمونها في عام. يعني عام فيه اربعة حرم وعام ليس فيه اربعة حرم فتكون الاشهر الحرم ليس حرمًا، ويقاتلون ويصدون ويفعلون ما يشائون فيكون زيادة فهم بذلك يواطئوا عدة ما حرم الله. والعدة هى اربعة اشهر
وقال الله في ءاية اخرى:
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَا وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةً فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِٓ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٢٨﴾ التوبة
تبين الاية في قوله بعد عامهم هذا، هو العام الذى يقومون فيه تحريم الاربعة اشهر، وليس في عامهم الذى يحلون فيه الاربعة. وقد كانوا يأتون المسجد الحرام ليحجوا او يتاجروا وقال الله عليهم أنهم نجس لانهم يصدون عن سبيل الله ويعتدون وينشرون ما يصد عن سبيل الله بين الناس.
(وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءً وَتَصۡدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ٣٥ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةً ثُمَّ يُغۡلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ٣٦) الأنفال
فصلاتهم كانت إيصال ما يصد عن ذكر الله ونشر الاشراك به. وهذا عمل كبير اثمه عند الله لأنه جعل البيت مباركًا وهدى للعالمين وتوصيل الهدى للناس وتعليمهم الدين الحنيف. فليس معنى تصدية هو أن يكون صدى في الصلاة كما يزعم المشركون اليوم وإنما هو صلاة تصد عن ذكر الله وعن سبيله.
الخلاصة:
الاشهر المحرمة هي أربعة، وأى اربعة كانت في العام. وتكون معلومة للناس وتعظم تلك الاشهر المحرمة التي يختارها الناس على حسب ما يناسبهم وبذلك يكون الحج على طول العام ولا يوجد في كتاب الله أية اشهر مذكورة ليقام فيها الحج وذلك رحمة من الله وتيسيرًا لعباده.
والحمد لله رب العالمين
التعليقات على الموضوع (48)