واعلموا أن الله مع المتقين
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩١ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٩٢ وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ١٩٣ ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَٰتُ قِصَاصٞ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ١٩٤) البقرة
كلنا يعلم ما هو سبيل الله وقد كتبت مقالًا سابقًا عنوانه القتال فى سبيل الله، والله يريد لنا هذا السبيل الذى فيه الخير والنجاة فى الدنيا والاخرة، فإن لم يتم إيقاف المفسدين تكون فتنة فى الارض وفساد كبير وهو يدعوهم لما يحييهم. ورغم ان الله يستطيع ان يهلك المفسدين الذين يبغونها عوجا، ولكنه يريد أن يعلم الصادقين ومن يبغون الاخرة وإحقاق الحق، فما أسهل الكلام ولكن الفعل هو الذى يميز به الله الصادقين. لذلك قال قاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلوكم، بمعنى قتال المعتدين ومن يقتلون الناس بغير حق. وقال ولا تعتدوا وهذه الكلمة اغفلها من يدعون الاسلام من قبل وحتى يومنا فاستغلوا كلمة قاتلوا وتركوا تكملة الاية والموضوع. كما فعلوا مع كثير من الايات من إظهار جزء والتكتم على الآخر، وتحريف الكلم عن مواضعه لاغراض دنيوية وأحلوا الدماء بغير حق ونشروا العدوان.
ونرى من تكملة الأيات أنه يقتص من هؤلاء المعتدين بنفس ما اعتدوا به على المؤمنين، ورغم ذلك نهى الله عن قتالهم عند المسجد الحرام الذى فيه أمن للناس أجمعين. ولكن فى حالة استمرار العدوان والقتال، فعلى المؤمنين التصدى لهم. وقال بعدها فان انتهوا فان الله غفور رحيم، والكلام موجه للمؤمنين بالتوقف عندئذ عن القتال والأية واضحة المعنى.
والأيات أعلاه تكرار لغرض التأكيد على أن الله لا يريد الاعتداء وأن يسود سبيله الحق بين الناس، وهو مع المتقين الذين يجتنبون القتل والاذى وفتنة الناس. فهل طبق المسلمون هذا الإصلاح وكانوا من المتقين ليكون الله معهم؟
(فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيۡنِ وَٱللَّهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓاْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهۡدُواْ مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ٨٨ وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ أَوۡلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَلَا تَتَّخِذُواْ مِنۡهُمۡ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ٨٩ إِلَّا ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٌ أَوۡ جَآءُوكُمۡ حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ أَن يُقَٰتِلُوكُمۡ أَوۡ يُقَٰتِلُواْ قَوۡمَهُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمۡ عَلَيۡكُمۡ فَلَقَٰتَلُوكُمۡ فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سَبِيلًا ٩٠ سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَا فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأُوْلَٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنًا مُّبِينًا ٩١﴾ النساء
ومن الجدير بذكره هنا هو أن الهجرة فى سبيل الله لا تعنى الانتقال الى مكان آخر، فالكلمة لها معنى مجرد وهذا المعنى يقاس حسب الأية وسياقها وكما بينت ذلك فى مقال عنوانه بعض مفاهيم الكتاب، فكلمة الهجرة تعنى الانتقال من حال الى آخر. وقد قالها ابراهيم من قبل إنى مهاجر الى ربى، فليس المقصود أنه سيصعد إليه ولكن تعنى أن الله قد هداه السبيل ولم يعد من الجاهلين وهو مهاجر الى سبيل الله.
ونعلم من القرءان أن المنافقين هم أكثر من توعدهم الله بالعذاب، وقال أنهم فى الدرك الاسفل من النار. فهم لم يهاجروا فى سبيل الله الحق وبقوا على كفرهم وإفسادهم وكانوا يعتدون على المؤمنين. فلقد قال عنهم فى تكملة الأيات فإن اعتزلوكم ولم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلًا إلا فى حالة عودتهم للقتال.
(سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأۡمَنُوكُمۡ وَيَأۡمَنُواْ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَا فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأُوْلَٰٓئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنًا مُّبِينًا ٩١﴾ النساء
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَةً وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ١٢٣) التوبة
ونرى هنا أيضًا التأكيد على أن الله مع المتقين.
فهل اتبع المسلمين وغير المسلمين ما جاء فى رسالة الله الواحدة التى أنزلها فى الكتاب وأتى كل أمة نصيب منه، أم اتبعوا أربابهم من دون الله ؟
ونذكرهم بذكره: (الٓمٓصٓ ١ كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ٢ ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِٓ أَوۡلِيَآءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ٣) الأعراف
والحمد لله رب العالمين
التعليقات على الموضوع (3)