مفهوم الأساطير
بسم الله الرحمن الرحيم
يتبادر في الاذهان عند سماع كلمة أسـٰطير على أنها خرافات أو قصص وروايات خيالية، ولكن القرءان لا يقول ذلك بل يشير إلى ما كان مسطوراً في الكتب التي أنزلها الله إلى القرى من قبل، والتي جائت مصادقة لبعضها وهي تنبأهم بقصص الرسل وتنبأهم أن هناك يوم يُحشر فيه الناس ويخرجون الى الله لحاسبهم ويُوفون أجورهم وغيرها الكثير بالإضافة للحِكَم والمواعظ والأيات التالية تُثبت هذا المفهوم:
﴿وَقَٱلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ ٱءِذَا كُنَّا تُرٰبًا وَءَابَآؤُنَآ أَﯨِٕنَّا لَمُخْرَجُونَ ﴿67﴾ لَقَدْ وُعِدْنَا هَــٰذَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلَّآ أسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿68﴾﴾ سورة النمل
هذا هو قول كل الكـٰفرين بكتب الله المُنزلة إليهم عن طريق ما يوحى إلى رسلهم لينبئونهم بأنهم سيُخرجون وسيحشرهم ربهم ليوفيهم أعمالهم، فتشابهت قلوبهم ونبئنا الرحمـٰن بما قالوا أءذا كنا ترابا وءاباؤنا أﯨٕنا لمُخرجون لقد وُعِدنا هذا من قبل، وهذا يعني أن هذا الوعد قد جاءهم من قبل في أسـٰطير الأولين، وهو ما نزل من قبل من كتب الله، وهـٰذا من أمور الغيب التي لا نعرفها سوى من كتب الله. وهـٰذه الأسـٰطير ليست من إبتداع البشر وليست من الخرافات. وهي فقط خرافة بالنسبة لفهم الكـٰفرين، ولكنها حق أنزله الله وسطره في كتبه لمن بعث لهم رسولا. وقالوا إن هذا الا أسـٰطير الأولين أي ما كان مكتوباً في كتب الذين من قبلهم وما وعُدوا على ألسنة الرسل.
﴿وَقَالُوٓاْ أسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿5﴾﴾ سورة الفرقان
قال الكـٰفرون أن الذي جاء به الرسول هو من ما كان في أسـٰطير الأولين،أي من كتب أهل الكتـٰب، فهىٰ تُملىٰ عليه، واكتتبها أي قام بكتابتها عن طريق أحد يعلمه وهو يكتب وليس وحيًا وهذا أيضًا يدل على أن الأسـٰطير هي ما جاء في الكتب المُنزلة من قبل.
﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَآ إِنْ هَـٰذَآ إِلَّآ أسَـٰطِيرُ ﴿31﴾﴾ سورة الأنفال
فهم يعلمون أن هذا هو ما جاء في أسـٰطير الأولين وهو مصادق لما نزل من قبل.
وَٱلَّذِى قَالَ لِـَوٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَآ ٱتَعِدَانِنِىٓ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ ءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلَّآ أسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿17﴾﴾ سورة الأحقاف
هذا الكافر يقول لوالديه أُف لكما أتعداننىٙ أن أُخرج، فقد كانا ينصحانه بالإيمان ويعدانه بيوم البعث والحساب، وهو يقول قد خلت القرون من قبلي والقرون معناها الأمم أو مجموعات الناس في كل زمن ولا تعني مئة عام كما هو شائع وهذا مفهوم خاطىء. ويضيف هذا الإبن الكافر أن القرون قد خلت من قبلي ولم أرى ولم أسمع أنه قد خرج أحد ًا للحساب، إن هـٰذا إلَّا أسـٰطير الأولين، أي ما جاء في الكتب السابقة وتلك هي كتب الله وهو يكفر بما فيها من حساب وخروج.
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ٱكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَـٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن هَـٰذَآ إِلَّآ أسَـٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ﴿25﴾﴾ سورة الأنعام
تُبين الأيات أن الذين كفروا كانوا قد سمعوا بهذه الأنباء من قبل أو من الذين ءَامنوا من قبلهم من أهل الكتاب مثلًا، أو من ما سبق فهو ليس بجديد على مسمعهم ولما سمعوه قالوا أنهم قد سمعوا هذا الكلام وأنه من أسـٰطير الأولين. لذلك فكل تلك الأيات تبين أن تلك الأسـٰطير قد سُطر فيها نبأ الأخرة والحساب ونبأ القرى المُهلكة وغيرها وكل كتب الله مُصدقة لبعضها ولكل أمة نصيب من هذا الكتـٰب.
لذلك فإن مفهوم الأسـٰطير لا يعني خرافة أو رواية بل يعني ما نَزل من قبل في كتب السابقين وما أنزل الله على رسله لينبئهم بوعده. فقط لأكون أكثر دقة في كلمة أسـٰطير فهى تعنى أن هذا الكلام تحديداً هو مسطور من قبل في الكتب السابقة، فالكلام نراه أكثره يتحدث عن الخروج والبعث فتلك الأسـٰطير أو الأسطر بتسميتنا هىٰ نفسها في كتب السابقين.
والحمد لله الذي أنزل الكتـٰب ولم يجعل له عوجا.
التعليقات على الموضوع