معنى كلمة جميل
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة جميل هل نفهم معناها من القرآن الكريم بنفس مفهومها المتداول بيننا الآن؟
أم أن هناك اختلاف عن المعنى القرآني؟
لو تتبعنا النصوص القرآنية لوجدنا مفهوم آخر عن ما نفهمه، فلنرى كيف وردت تلك الكلمة ومشتقاتها.
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴿٨٥﴾﴾ سورة الحجر
هل يأمر الله سبحانه بصفح جميل وما معنى أن يكون الصفح جميل؟؟
هل هناك مفهوم خاطيء لا ينطبق مع سياق ومقصد الاية؟
الذي أراه وهو ينطبق مع السياق أن الله يأمر الرسول أن يصفح صفحاً كبيراً أو كثيراً وليس صفحاً حسن الشكل.
وفي النص التالي وبمشتق آخر لكلمة جميل:
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴿٣٢﴾ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴿٣٣﴾﴾ سورة الفرقان
وتعبير جُمْلَةً وَاحِدَةً هنا بمعنى دفعة واحدة تحتوي كل الكتاب ولكن الله جعله ينزل حسب الاقوال والمواقف والأفعال ليحبط كل ما يكيدون وليثبت به شخص الرسول وثقته وفكره.
وكذلك في النص التالي:
﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾﴾ سورة يوسف
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ تعني هنا أنه سيصبر صبراً كبيراً أو كثيراً، كما في النص التالي أيضاً تأكيداً لنفس المعنى:
﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٨٣﴾﴾ سورة يوسف
وكذلك في النص التالي:
﴿رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴿٩﴾ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴿١٠﴾﴾ سورة المزمل
وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا تعني أن يهجرهم هجراً ذو صفة كبيرة أو كثيرة ولا يعود اليهم، فكلمة جميلاً هي كلمة لتعظيم أو تكبير أو تكثير من الفعل المستخدم وحسب كل فعل وحسب كل خطاب.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴿٤٩﴾﴾ سورة الأحزاب
والمعنى هنا أن لا شروط ولا واجبات عليها تجاه زوجها وذلك طبعاً بعد قضاء الشروط التي كتبها الله من عدة وغيرها، وأن يمتعهون تعني إعطائهن أموالهن التي كتب الله لهن، والسراح الجميل هو التسريح العام أو المطلق من كل حواجز وعقبات عليهن.
﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴿٥﴾ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿٦﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿٧﴾﴾ سورة المعارج
أما في النص السابق فإن نوع الفعل الذي هو الصبر أن يكون جميلاً أي كبيراً ومحتوياً على المدى الأكبر من التحمل.
ولو تدبرنا النص التالي ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴿٤٠﴾﴾ سورة الأعراف
نجد هنا أن الْجَمَلُ أي الشيء الكبير الضخم فلا يدخل في سَمِّ الْخِيَاطِ وذلك وصف تعجيزي للكفار.
ثم نأتي للنص الأخير
﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴿٦﴾ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٧﴾﴾ سورة النحل
والمعنى هنا أن تللك الدواب تحمل أثقال وتملك قوة كبيرة في الأعمال والتحمل، وهذه من نعم الله التي سخرها والتي فيها جمال من الفوائد كالتحمل والتنقل بالأحمال الثقيلة بين البلاد.
ومن الممكن أن كلمة جميل المتداولة اليوم والتي تعني الحُسن كانت تستعمل في حالة الإنسان حسن المظهر، فيقال له جميل أي كثير الحُسن أو نسبة الحسن عنده زائدة عن المعتاد، ولكن ليس كل جميل معناه حسن الشكل بل هي كلمة تعظيم وتكبير لفعل معين أو صفة معينة.
والحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجا.
التعليقات على الموضوع (7)