فرعون هو اسم رجل وليس لقب لملك
لقد توارث الناس على مر العصور أن فرعون المذكور في القرءان الكريم هو لقب لملك من الملوك الذين حكموا وادي النيل، ومن ثًم لٌقب جميع ملوكها القدامى بالفراعنة بل ولٌقبت الحضارة التي قامت في منطقة وادي النيل بالحضارة الفرعونية ، وهذا خطأ تاريخي فادح و تحريف قد تم عن قصد أو عن جهل ولكنه قائم حتى الآن كأنه حقيقة تاريخية.
ولمعرفة حقيقة هذا الأمر ماعليك سوى العودة إلى القرءان الكريم وهو المصدر الوحيد الموثوق به والذي لا يطرأ عليه التحريف ، وقصة فرعون هي من الأحداث التي ألقى القرءان بالضوء على بعض جوانبها.
من تدبر المواقع التي أتى فيها ذكر اسم فرعون في القرءان الكريم يتبين أن كلمة فرعون هي اسم علم لشخص كان حاكماً لمدينة أو قرية تدعى مصر
أولاً: فكلمة فرعون قد جاء ذكرها في القرءان 67 مرة ، كلها جاءت غير معرفة بالألف واللام أي جاءت دائماً مكتوبة هكذا (فرعون) مثل أحمد و موسى و إبراهيم فهى أسماء علم لأشخاص ولا تُعرف بالألف واللام مثل الألقاب في كلمة الملك والأمير والسلطان.
فقال تعالى: ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) ﴾ سورة طه
إن تدبرت هذا النص القرءاني فستعلم أنه يتحدث عن شخص اسمه فرعون وقد أمر الله تعالى موسى عليه السلام بأن يذهب إليه ، وإن حاولت أن تبدل كلمة فرعون في النص القرءاني على سبيل الشرح والإيضاح فلا يحل محلها سوى اسم علم مثل أحمد أو عمر فتقول اذهب إلى أحمد ، وإن كان المقصود ملكاً أو حاكماً ستقول اذهب إلى الملك أو الحاكم ولا تقول اذهب إلى ملك أو سلطان.
ولو ذهبت إلى كل المواضع التي أتت فيها كلمة فرعون في النص القرءاني فستخرج دائماً بهذه النتيجة.
ثانياُ: يقول تعالى: ﴿ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) ﴾ سورة الشعراء
﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) ﴾ سورة القصص
إن تأملت كلمتي قوم فرعون وآل فرعون في النصين السابقين و قارنت ذلك بنصوص قرءانية آخرى فستجد هاتان الكلمتان تأتين معطوفتين على إسم علم للإشارة إلى قوم معينين مثل قوم نوح وقوم لوط آل عمران وآل إبراهيم ، ولو تدبرت الآيات جيداً فلن تخرج بحقيقة سوى أن آل وقوم فرعون هم أيضاً قوم رجل اسمه فرعون وليس آل ملك أو قوم سلطان.
ثالثاً: يقول تعالى: ﴿ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) ﴾ سورة العنكبوت
﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (39) ﴾ سورة العنكبوت
في هذين النصين القرءانيين لاحظ الثلاث أسماء العلم المعطوفين فهم أسماء لأشخاص مثل أحمد وعلي وعمر وإن كانت كلمة فرعون هي لقب لملك فلن يستقيم المعنى إلا أن تقول الفرعون وهامان وقارون مثل الملك وعلي وعمر.
رابعاً: يقول تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) ﴾ سورة التحريم
في النص القرءاني السابق لاحظ امرأة فرعون وهذا مقارنة بنصوص قرءانية آخرى كقول الله تعالى امرأة لوط وامرأت عمران أن فرعون اسماً لشخص وليس لقباً، وفي النص أيضاً قول امرأة فرعون ونجني من فرعون وعمله فالمرأة تدعو الله النجاة من زوجها بإسمه وليس بلقبه الملكي فهي لصلة القرابة به تعتاد ندائه بإسمه.
وعلى مايبدو أن النصوص القرءانية توضح بشكل لا شك فيه أن فرعون كان اسماً للحاكم الذي أرسل الله له موسى وهارون لدعوته لدين الحق، ولذا فإن إطلاق إسم فراعنة على الملوك الذين حكموا وادي النيل وقامت في عصورهم هذه الحضارة المعروفة بالحضارة الفرعونية من الأخطاء التاريخية العظيمة التي يجب العلم بها وإعادة التسميات إلى أصولها.
التعليقات على الموضوع (18)