أصحاب الكهف والرقيم
لبث أصحاب الكهف في كهفهم ثلاثة مائة سنين وازدادوا تسعاً ثم أعثر الله عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها.. وكان حدثاً عظيماً وآية من آيات الله يتدبرها المؤمنون فلا ينضب عطاؤها.. ناموا في كهفهم على خوف من ملئهم أن يفتنهم ثم قاموا على خوفهم رغم أن الأيام قد طويت صفحاتها.. فانقضت قرون مرقدهم فلما قاموا لم يشعروا بالزمن الذي انقضى في مرقدهم وكأنه يوم أو بعض يوم.
( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) أصحاب الكهف هم أولئك الفتية الذين أووا إليه إما الرقيم فهم أهل قريتهم الذين اعتزلوهم ومما يعبدون لينشر لهم الله من رحمته ويهيئ لهم من أمره مرفقا بعيدا عن قومهم الظالمين. ثم يقول الله تعالى ( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) فالحزب الأول هم الفتية عندما حاولوا إن يحصوا المدة التي لبثوها نائمين ( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) إما الحزب الثاني الذي تسأل عن المدة التي قضوها نائمين في كهفكم فهم من ذرية قومهم ( الرقيم ).
فالذين يحصون الأيام في الأزل حزبان... الحزب الأول هم الفتية والحزب الثاني هم قومهم الرقيم ونسى الحزبان ما أحصوا لما لبث أصحاب الكهف في كهفهم أمداً.. فجاء الله بالحساب واخبر به بعض من قوم الفتية ليعلموا إن وعد الله حق ويخبر به قوم نبيه محمد لما لبثوا أمدا ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) فقد لبثوا ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا وهذه السنين التسع زيدت على الثلاث مائة سنين وليس كما قالوا دون بينة أو برهان إن كل ثلاث مائة سنة في التقويم الشمسي تعادل تسع وثلاث مائة سنين في التقويم القمري فهذا الحساب بكل بساطة غير صحيح لوجود الزيادة. ولولا وجود الزيادة لكان لهم إن يحسبوا الثلاث مائة سنين بالتقويم الشمسي وما يعادله في التقويم القمري والحقيقة هي إنه لا يتوافق تقويمان للسنة الواحدة والتي قسمها الله تعالى إلى أثنى عشر شهرا ؟.
( سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ) عدد الفتية لا يعلمهم إلا قليل ومن هم هؤلاء القليل ؟ الله تعالى اعلم بعدتهم ولكن إذا تدبرنا الآية الكريمة لمحاولة استنباط العدد فبدون شك والله تعالى اعلم إن العدد الصحيح موجود في الآية الكريمة. فعدد الفتية هم سبعة وثامنهم كلبهم ويسأل أحدكم كيف توصلت إلى ذلك فأقول لكم لهذه الأسباب:
أولا: ستجدون إن العدد سبعة كثير الذكر في الكتاب وهذا من احد الأسباب ولكن ليس أهمها.
ثانيا: وهو الأهم أنهم قالوا ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب. وهذا يعني إن ذلك العدد غير صحيح ولسبب بسيط وهو إن العدة الأولى ثلاثة ورابعهم كلبهم والعدة الثانية خمسة وسادسهم كلبهم قد جاء من بعدهما كلمة ( رجما بالغيب ) إما العدد سبعة وثامنهم كلبهم لم يذكر الله تعالى بعدها كلمة ( رجما بالغيب ) وتوقف ثم استرسل ( وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ) وكأنها هي العدة الصحيحة. والله تعالى اعلم.
التعليقات على الموضوع (19)