أين هي مصر التي عاش بها موسى عليه السلام
من المشهور على مرور السنين أن أحداث قصة نبي الله موسى عليه السلام الذي أًرسل إلى فرعون قد دارت في أرض وادي النيل المعروفة الآن بجمهورية مصر العربية ، بل أن ذلك قد أُعتبر من الحقائق التاريخية ، فما مدى صحة هذا الحقيقة؟
للتحقق من ذلك نعود إلى بعض نصوص القرءان الكريم التى تتحدث عن بعض جوانب هذه القصة.
هل عرف أهل وادي النيل اسم مصر
أولاً: يقول الله تعالى: ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)﴾ سورة الزخرف
يبين النص أن فرعون كان حاكماً لمنطقة تسمى مصر ، فهل كانت منطقة وادي النيل تسمى مصر في الزمن الذي عاش فيه موسى عليه السلام؟ كما أنه ينادي في قومه ويسمي المكان الذي يعيشون فيه بإسم مصر. فهل كان سكان وادي النيل في في هذه الفترة الزمنية يطلقون على بلادهم إسم مصر؟
لم يرد هذا الإسم في المخطوطات الأثرية القديمة من البرديات أو النقوش المعمارية التي تركها سكان حضارة أرض النيل ، بل ورد أنه كان يُستخدم اسم كيميت أومشتقات له ولم يكن اسم مصر هذا وارداً في هذه المنطقة على الإطلاق.
كما ورد أيضاً إستخدام اسم القبط أو الجبت على أرض وادي النيل، كما ورد ذكره على الخرائط اليونانية والرومانية قبل الميلاد حيث كُتب جبتوس أو اجيبتوس بزياة حرف السين كما في الأسماء اليونانية.
وقد بدأ إستخدام اسم مصر لاحقاً بعد دخول الإسلام إلى أرض النيل وكان يطلق على المنطقة التي صارت فيما بعد مدينة الفسطاط ثم القاهرة.
قوم موسى عليه السلام وارض وادي النيل
ثانياً: يقول تعالى: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بَآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)﴾ سورة الأعراف
ويقول تعالى: ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجِمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)﴾ سورة الشعراء
من الحقائق التي تبينها النصوص القرءانية السابقة أن الله تعالى قد أغرق فرعون وجنوده ودمر ما كان يصنع فرعون وقومه ثم انه قد أورث بني اسرائيل الأرض التي كان يحكمها فرعون ويعيش بها هو وقومه أي أرض مصر من شرقها إلى غربها.
وهذا لا ينطبق على أرض النيل والحضارة التي استمرت عليها ربما من حوالى 3000 عام حتى 600 عام قبل الميلاد حيث تعاقب عليها بعد ذلك الحكم الفارسي ثم اليوناني حتي حكم الرومان، ولم يدون التاريخ أو توجد أية مخطوطات أو آثار تذكر أن بني اسرائيل قد ورثوا وحكموا أرض النيل التى كانت تعتبر من القوى العظمى في ذلك الوقت.
أو أنه يوجد أي أثر يدل على أن أحد ملوك هذه القوة العظمى قد غرق هو وجيشه وتم تدمير ما كان وقومه يصنعون، مع العلم أن حضارة أرض النيل كانت مدونة بجانب كبير على أوراق البردي وعلى الصخور.
ومن الواضح جلياً أن الحقائق القرءانية لا تنطبق على أرض وادي النيل التي لم يكن اسمها مصر في زمن موسى عليه السلام وانبياء بني اسرائيل الذين عاشوا خلال فترة الثلاث آلاف عام قبل ميلاد المسيح عليه السلام المدونة من تاريخ هذه المنطقة.
ان مصر التي يتحدث عنها القرءان الكريم هي بالتاكيد مكان آخر غير مصر المقصود بها أرض وادي النيل.
التعليقات على الموضوع (34)