مفهوم عرض لوط لبناته على قومه الشواذ
سألني أحد الإخوة الكرام السؤال التالي:
تزخر كتب التفاسير وتتبنّى أن نبي الله لوط -عليه السلام- عرض بناته على بني قومه للزواج منهن لدفع الحرج عن نفسه كي لا يخزونه مع ضيفه (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. فهل الأمر على هذا النحو؟
الجواب:
المقدمات الخاطئة تؤدي حتماً الى نتائج خاطئه! وكتب التفسير والتراث استغلها القادحون فجعلوا منها افلام ورسوم كاركاتير يقدحوت بالاسلام من خلال الافهام الخاطئه للمسلمين ..
ولعل مسألة قوم لوط هي واحده من تلك المسائل ... حيث فسروا تلك المسالة بطريقة وكأنها توحي بأن لوط إرتضى بتزويج بناته العفيفات لقوم فاحشين يفعلون كل منكر بل اشنعها ..وكأن لوط لم يفعل ذلك الفعل الشنيع إلا لكي ينجوا هو بنفسه أما بناته اللاتي سيكنّ تحت رحمة الشواذ الشذاذ فلهن الله !!! وهذا المشكل نابع من عدم فهم المشكلة الرئيسية التي كان يعاني منها قوم لوط .. حيث ظنّ المفسرون وأصحاب الموروث بأن فاحشة قوم لوط أنهم كانوا يمارسون الشذوذ الجنسي مع الاخرين ... وهم بدورهم أيضاً من يمارس بهم الشذوذ الجنسي يعني أن الشذوذ ثنائي بإتجاهين يُفعل بهم ويفعلون بالآخرين .. يغتصبون الذكران والذكران يغتصبونهم .. في حين أن الحقيقة القرآنيه تُثبت أن شذوذهم كان بإتجاه واحد فقط وليس باتجاهين بمعنى أن شذوذهم الجنسي هو أنهم كانوا يشتهون أن يمارس بهم الشذوذ ويغتصبهم الرجال وليس هم من يمارس بالآخرين الشذوذ !! وهذا مايسمى علمياً اليوم بـ (المثلية الجنسية)
مفهوم المثليه الجنسية
هي: أي إشتهاء نفس الجنس بمعنى أن يشعر الشخص بإنجذاب نفسى وعاطفى وغريزي نحو أشخاص من نفسه جنسهِ يفقد فيه الشاذ سيطرته على نفسه فلا يهدأ إلا بالإتصال الجنسي الشاذ.. ولا يجد أي حرج بفعل هذه الفاحشه اللعينه حتى لو دفع الاموال .!.
ومعروف طبياً وإجتماعياً إن من يمارس هذا النوع من الشذوذ يفقد الشهوه تماماً في أن يمارس هو بالآخرين... وتنحصر شهوته فقط بأن يُمارس به !!
ولذلك ورجوعاً لبدء ..
قوم لوط الشواذ عندما علموا بوجود رجال (فحول) عند لوط جاءه قومه يهرعون ... وعندما قال لوط لهم (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).... ولوط كان يعرف انهم لا يشتهون النساء أصلاً .. بل يشتهون الرجال، فقولة لوط لقومه الشواذ كانت مجرد كلمة فقط يعرف مسبقاً أنها غير قابله للتطبيق مع طبيعة الشذوذ الذي يعانون منه .. ولذلك كان جواب قومه له هو:
(قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴿٧٩﴾) سورة هود
قوم لوط لم يجيئوه لكي يمارسون بالرجال الضيوف ولم يكن يرغبون بالنساء لأنهم ليس لديهم الشهوه لذلك اصلاً ...ثم لو كانوا يريدون هم من يمارس الشذوذ بالاخرين دبراً لقبلوا ببنات لوط ومارسوا معهن الشذوذ الجنسي.. فالدبر الذي عند الرجل هو ذاته الدبرالذي عند المراه أيضاً.. بل إن دبر المرأة اكثر شهوة من دبر الرجال وإن كان دبر الطرفين في النجاسةِ سواء بسواء ... ولكن مشكلة قوم لوط الشواذ انهم لم يكونوا يشتهون أن يمارس بهم دبراً بل هم من يشتهي أن يُمارس بهم دبراً .. والعياذ بالله. وبزاوية النظر هذه يتبرأ لوط من التُهم الغير مباشره التي ألصقها بها بعض كتب التفسير والموروث. ولنتأمل اسقاطات هذا المعنى على هذه الآيات العظيمات:
1- سورة هود :
(وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)
فقوم لوط لم ياتوا لكي يغتصبوا ضيوف لوط بل هم من يشتهي أن يغتصبهم الضيوف !!
سورة الاعراف :
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
تنويه:
اريد أن أقف عند عبارة (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء)
التي تعني أن قوم لوط الشواذ هم من يأتي الرجال لكي يَفعل الرجال بهم الشذوذ وليس قوم لوط من يفعل الشذوذ بالرجال ...ثم لنلاحظ أيضاً فعل المضارع (تأتون) وهو مايعني فعل الفاحشه المستمر دون انقطاع وبشكل دوري ويومي ...بل ويبحثون عنها ويدفعون المال لكي يحصلوا على تلك الشهوة الشاذه ..!
ثم لنلاحظ عبارة (مِّن دُونِ النِّسَاء) هذا يعني انهم لا رغبة لديهم بالنساء إطلاقاً ... وهذا طبيعي لأن الشاذ يفقد الرغبه بالنساء تماماً فليست تلك هي شهوتهِ التي يبحث عنها بل الرجال والذكران وهذا يثبت بأن الشاذ من قوم لوط كان يبحث عن العضو الذكري حصراً وهذا العضو ليس موجود عند النساء بالتأكيد .. فهو يشتهي الذكر وليس الانثى .. ولو كان الشواذ من قوم لوط يبحثون عن الدبر لما فرقت المسالة عندهم سواء أكان رجل أم إمرأه ولـقـبــِلوا بعرض لوط عندما عرض عليهم بناتهِ بل لقبّلوه من يده وقالوا عنه أنه أحسن نبي بالعالم ...!!!!!
إذن شهوة قوم لوط هي بإتجاه الرجال حصراً فالانثى لا تنفعهم بهذا المجال لأنها لاتملك مايبحث عنه
مفهوم كلمة (أَتَأْتُونَ)
تأتي الشيئ تصل إليه ... (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ) أي لتصلوا لى شهوتكم من خلال الذكران ..أي ترغبون فيهم .. فقوم لوط يأتون الى العضو الذكري لكي يحصلوا على الشهوة .. فقوم لوط هم من كان يأتي الى الرجال ليمارس بهم الشذوذ وليس الرجال من تأتي إليهم ...وهذه الكلمه هي ذاتها المذكورة في الايه :
(َفإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ﴿٢٢٢﴾) سورة البقرة
وتعني عند تفريغ شهواتكم ياأيها الرجال أفرغوها في المكان الذي أمركم الله وهو القُبل وهو المكان الأطهر بلا شك ..في حين أن مشكلة الشاذ من قوم لوط إذا أراد أن يمارس شهوته يمارسها من دبره مع رجل مثله فيكون الشاذ مفعول به وهذه هي مكمن شهوتهِ، يعني اذا اراد الشاذ ان يستمتع جنسياً يأتي لرجل كي يفعل الرجل به الشذوذ وهذه هي قمة الاستمتاع عنده وليس شيئاً آخر كما هو الحال الطبيعي مع الرجال الأسوياء
سورة الحجر:
(وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)
سورة الشعراء :
(ِإذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)
تنويه على الآيه سابقاً:
مفهوم (الذُّكْرَانَ)
لنلاحظ معا ً عبارة: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم) والتي تعني أن قوم لوط هم من كان يأتي الذكران لكي يمارس بواسطتهم الشذوذ وليس هم من كان يمارس بالذكران !!
ثم إن الله تعالى لم يقل (أتأتون الذكور) أبدا ً .. بل قال (الذُّكْرَانَ)
ولو قال تعالى (الذكور) لكانت تحمل الآيه الشذوذ بكلا الإتجاهين أي (يفعل بالآخر والآخر يفعل به ..الشذوذ ) ولكانت تحمل الآيه معنى آن قوم لوط كانوا يبحثون عن الذكور ليغتصبوهم إضافة الى أنهم يبحثون عمن يغتصبهم لكن المسأله خلاف ذلك فالشاذ يرغب بأن يُفعل به فقط ولا رغبة لديه بان يفعل هو بالاخرين .. ولذلك قال (الذُّكْرَانَ) ولم يقل الذكور ..
سورة النمل:
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
سورة العنكبوت:
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)
عرض لوط لبناتهِ بين الموروث والقران الكريم
عرض لوط بناته على قومه الشواذ هو عرض لدعوتهم للاستقامه والرشاد والمنهج السليم، أي تزوجوا بناتي بالفطرة النقية التي يريدها الله سبحانه وتعالى وأنا بدوري سوف أكون أول من يقدم بناتهِ لكم. يعني أنني اقدم بناتي في حال أن رجعتم الى فطرتكم النقية قبل حالة الشذوذ ... فإذا أردتم الشهوة والمتعه فخذوها بالطريق الصحيح بالزواج الشرعي وبالطريق السليم وليس بالشذوذ (فاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي)
وبالتالي فآية (قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) هي ليست عرض من قِبل لوط لكي يمارسوا الشذوذ معهن !!
ولكن لكي يرجعوا ويستقيموا ويعتدلوا...
نبي الله لوط كان يريد يريد أن يقّوم إعوجاجهم وبذات الوقت كان يريد أن يخرج من الموقف المحرج الذي وقع فيه فقال قولته التي قال مع علمه بحال قومه وعقدتهم الشاذه تحديداً.
مفهوم عبارة (هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) تحمل دليلا قوياً على أن مسالة عرض لوط لبناته هي مسالة طهارة وفطرة نقيه حيث الدعوة الى إرجاع قومه الى ممارسة الجنس مع الأزواج الإناث وفي المكان الذي شرعه الله تعالى .. ولو كانت المسالة ممارسة من الدبر لما جائت كلمة (أَطْهَرُ) خصوصا أن الدبر هو أنجس وأقذر مايكون .... عـذراً. ويؤكد هذا المعنى الآيه: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
التعليقات على الموضوع (23)