أدم ليس أول إنسان
بإسم الله الرحمان الرحيم وقع علماء السلف و من صار على دربهم في خطأ كبير ألا و هو حصر البشر المذكور في أياتي الخلق المتربطتان بقصة سجود والملائكة و رفض إبليس في شخص أدم عليه السلام
- إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ - وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ و ما أغفلوه في الأيتين هو كون مرحلة التسوية تعبر عن مرحلة منفصلة عن الخلق و أن البشر المذكور هنا لا يشترط أن يكون شخصا واحدا متمثلا في شخص أدم بل المقصود هنا الجنس البشري برمته و الطريف أنهم إعترفوا في تفاسيرهم في أية أخرى أن مصطلح بشر يرمز للجنس البشري و ليس لبشر بعينه - وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا و الإشكال و الخلط الذي وقعوا فيه نابع اساسا عن سوء فهمهم للأية 30 من سورة البقرة الذي كان مقدمة هنا أيضا لقصة سجود الملائكة لأدم و رفض إبليس - وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ و ربطوا بين الحادثتين مع أن الأولى تتحدث عن خلق مخلوق جديد و الثانية عن جعل خليفة في الأرض و هنا وجب التوضيح أن خليفة الأرض ليس معناه حاكما عليها كما ذهب العديد من المفسرين بناء على تفسير الاية - يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فخلافة داوود هنا ليس معناها الحكم في حد ذاته بل تعويض طالوت في ملكه و سنجد جل الأيات القرانية تأكد ذلك - وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ . تعويض مال بمال أخر - وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ . تعويض موسى بأخيه هارون في قيادة قومهما - فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ . تعويض قوم بقوم أخر في حمل الكتاب - وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ . تعويض قوم عاد لقوم نوح في مكانتهم عندما قال تعالى للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فهو يتحدث عن إستخلاف نوع من البشر لبشر أخر فلو كان إستخلافه لفصيلة أخر كالجن مثلا كما حاول بعض المفسرين إيجاد مخرج لهذه الأية أو الله بنفسه كما ذهبت بعض التفاسير العجيبة لما تحججت الملائكة بسفك الدماء فهي تعلم جيدا هذا المخلوق و إبليس كذلك لذلك كان متأكد من إغواء بني أدم حتى قبل ولادتهم و نجد التأكيد الصريح في هذه الأية - وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ فمن خلال الأيات يتضح أنه قبل أدم لم يكن هناك بشر فحسب بل إنسان عاقل مكلف فالخليفة يخلف سلف في نفس المكانة و المرتبة و ليس بشر بدائي حيواني و هنا تعود هذه الأية للواجهة - هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فهاذا الشخص هو أب الإنسانية و ليس أدم و هو أب الإنس قبل أدم الذين سفكوا دماء بعضهم البعض و من ذريتهم و ذريته جاء أدم و باقي الإنس الحالي و لكن يبقى السؤال هل أدم أب كل البشر الحالي أم لا
التعليقات على الموضوع (21)