أنوع الجنس المحرم وتعريف الزنا
﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [النمل:54]، تم استخدام مصطلح الفاحشة للتعبير عن الممارسات الجنسية الخاطئة والمحرمة ومنها ما كان يفعله قوم لوط، واستخدم القرءان الكريم هذا المصطلح في سياق استخدامه للتعبير أيضاً عن الممارسة الجنسية بين الرجل والمرأة، وذكر أنواع تلك الممارسات التي تتم بالتراضي بين طرفين وهي: المخادنة والمسافحة والبغاء والزنا. وقد حذر الله سبحانة وتعالى من ممارسة كل الفواحش ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأنعام:151]
ووصف أصحابها ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور:19]
ويبقى مجال التوبة مفتوح دائماً ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:135]
لنتعرف على أنواع الفاحشة والحدود - العقوبات - المفروضة على من يفعل تلك الفواحش. ونسبق ذلك بالتعرف على معنى الإحصان: فقد ورد في القرءان بمعاني عدة:
1- إحصان الفرج ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [التحريم:12]، وهنا قرينة الإحصان مضافة إلى الفرج.
2- الإحصان بالعفة والإيمان عند الحديث عمن يرغب بعقد نكاح ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم﴾ [النساء:25]، و ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ..﴾ [المائدة:5]، وهنا قرينة الإحصان الحث على نكاح هؤلاء العفيفات وإضافة الإيمان.
3- ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء﴾ [النساء:24]، الإحصان بالزواج إن لم يكن هناك قرينة تصرف المعنى عن ذلك، فقد ذكر تحريم المحصنة (المتزوجة) ضمن المحرمات لمن يرغب بالنكاح ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء..22 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ..23 وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء..﴾24 [النساء: 22-24 ].
نأتي لتعريف أنواع الفواحش ونبدأ بالمخادنة والمسافحة: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة:5]، و ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء:25]، وسياق الآيات يتحدث عن الحث على الإحصان بعقد نكاح وعدم ممارسة المسافحة أو المخادنة، فالخطاب موجه للأعزب والعزباء:
1- المخادنة: وهي الممارسة الجنسية التي تحدث في السر ووجود عشيق واحد فقط.
2- المسافحة: وهي الممارسة الجنسية مع أكثر من شخص، ويقصد بها تعدد العلاقات والممارسة مع كل من يتم الاتفاق معه، ويصبح صاحب هذا الفعل مشهور بتعدد علاقاته. ونذّكِر بأن المخادنة والمسافحة هي ما يفعله الأعزب الغير محصن بعقد نكاح.
3- البغاء: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور:33]. البغاء يقصد به ممارسة الجنس بمقابل مادي، والتي لم تحصن بعقد نكاح، فالحديث عن العزباء. وتحدثت الآيات عن المكرهة على فعل ذلك من قبل من يملك سلطه عليها، أو ربما المجتمع الذي أجبرها على ذلك بسبب ظروفها، والمكرهة مغفور لها، بينما من تمارس البغاء بدون إكراه فهي تمارس فاحشة وهي معصية وذنب.
4- الزنا: عند الحديث عن الزنا لا بد من شرح أنواع عقود النكاح.
ورد في القرءان الكريم نوعين من عقود الأنكحة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 29 إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 6] و [المعارج: 30]. فهناك طريقين للمعاشرة الجنسية بطريق مشروعة بعقد نكاح زواج أو عقد نكاح ملك يمين، ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ﴾ [النساء:25]، فمن لم يستطع أن يعقد عقد نكاح زواج فيسمح له بعقد نكاح ملك يمين.
ونلخص الحديث عن الفرق بين الزواج وملك يمين كالتالي:
عقد نكاح الزواج: هدفه بناء أسرة وإنجاب أطفال وله أحكام السكن والنفقه والإرث والطلاق والعدة، أما عقد نكاح ملك اليمين فهدفه فقط المعاشرة الجنسية وليس بناء أسرة ولا إنجاب أطفال وليس فيه سكن ولا نفقه ولا إرث وعند الانفصال العدة حيضة واحدة أو 45 يوم. ومن صوره قديماً ﴿[وَأَنْكِحُوا ]الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ [وَإِمَائِكُمْ]﴾ [النور: 33]، نكاح الإماء ملك يمين و ﴿فَمَا [اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ] فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ﴾ [النساء: 24]، نكاح المتعة ملك يمين، ومن صوره اليوم عقود نكاح (زواج المسيار) وغيره من الصور لو انطبقت عليها الشروط: من إيجاب وقبول "طلب ارتباط وموافقة عليه"، وإعلان، وأجر من الشاب، وعدة على الفتاة عن الإنفصال.
ملك اليمين: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ..﴾ [النساء :25].
من لم يستطع أن يتم عقد نكاح زواج فليعقد عقد نكاح ملك يمين ممن هي محصنة بالعفة والإيمان ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ محصنات بعقد نكاح "لا مسافحة" متخذه أكثر من عشيق "ولا مخادنة" متخذه عشيق في السر ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ فإذا أحصنت بعقد نكاح ملك يمين، وبعد ذلك قامت بفاحشة، فإن العقوبة هي نصف عقوبة المحصنات بعقد نكاح الزواج.
وهنا العديد من النقاط المهمة فإن من لم تحصن بعقد نكاح ملك يمين وكانت مسافحة أو مخادنة فإنه لاحد عليها. فقد حث القرءان على الإحصان بعقد نكاح زواج وتكوين أسرة، ومن لم يستطع فليحصن بعقد نكاح ملك يمين، ومن لم يحصن بعقد نكاح ملك يمين فإنه لا حد عليه.
ونعود ونسأل هل المقصود في "المحصنات" هن المحصنات بالزواج أم المحصنات بالعفة: في الآية ورد مصطلح المحصنات ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى [الْمُحْصَنَاتِ] مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء:25]والآية التي قبلها ﴿[ وَالْمُحْصَنَاتُ] مِنَ النِّسَاء﴾ [النساء:24] فسرت في الآية 24 بالمتزوجات!
الزنا: في هذا السياق نزلت آيات سورة النور: ﴿[الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ] فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * [الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ] وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * وَالَّذِينَ [ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا [بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء] فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ] وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ [ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ ] بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ [[ جَاؤُوا بِالإِفْكِ ]] عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ *.. لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ [[ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء ]] فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ... إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ *...إِنَّ الَّذِينَ [[ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ]] الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 2-24 ].
هل الزنا ممارسة جنسية بين أي رجل وامرأة، فتكون المخادنة زنا والمسافحة زنا والبغاء زنا، وهي فواحش يقوم بها العزاب الغير محصنين بعقد نكاح، والخيانة الزوجية أيضاً زنا؟ أم أنه لا ترادف في القرءان فلا يمكن التعبير عن المخادنة بالمسافحة، ولا البغاء يمكن أن يطلق على المخادنة، فكل مصطلح يعبر عن حالة مستقلة بذاتها. لنحاول فهم مصطلح الزنا من خلال السياق: بدأت الآيات بالحديث عن الزاني والزانيه وهو مصطلح يعرفه من نزل عليهم القرءان، ثم تحدثت عن العقوبة وهي مئة جلدة، وأتبعت ذلك بالحديث عن كون الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة والعكس، ثم حددت عقوبة قذف المحصنات. فما المقصود بالمحصنات هنا؟ هل تعني المحصنة فرجها العفيفة أم تعني المحصنة بعقد نكاح وهنا تعني المتزوجات؟
قلنا سابقاً إن لم يكن هناك قرينة فالمعنى هو المحصنات بالزواج، وأكملت الآية في نفس السياق والمعنى ﴿وَالَّذِينَ [ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ]+ وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ] ﴾ ففي الأولى رمي المحصنات المتزوجات عموماً والثانية من يرمي زوجته. ثم تكررت الآيه ﴿وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا [بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء] فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *﴾+ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ [[ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ]] الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾
الشاهد مما سبق أن حد الزنا وهو الخيانة الزوجية 100 جلدة. وقد وقع تهديد لزوجات النبي ص إن أتين بفاحشة ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ [[بِفَاحِشَةٍ]] مُّبَيِّنَةٍ [[يُضَاعَفْ]] لَهَا [[الْعَذَابُ]] ضِعْفَيْنِ ﴾ [الأحزاب:30]، هنا عقوبة الفاحشة مضاعفة : فما هي العقوبة ؟ وما هو ضعفها ؟، وكما أشكلت قضية نصف الرجم ! أشكلت قضية ضعف الرجم!
لنقارن تلك الآية مع آية ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ [[بِفَاحِشَةٍ]] فَعَلَيْهِنَّ [[نِصْفُ]] مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ [[الْعَذَابِ]] ﴾ نخلص إلى أن عقوبة المحصنة بعقد نكاح زواج 100 جلدة، وعقوبة المحصنة بعقد نكاح ملك يمين 50 جلدة (نصف عقوبة المحصنات بالزواج)، وعقوبة المحصنات بالزواج من النبي ص 200 جلدة (ضعف عقوبة المحصنات بالزواج).
وهنا نعيد شرح معنى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة: ﴿[الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي] فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * [الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ] وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾
في السياق تعرفنا على أن المحصنات تعني المحصنات بالزواج، وفي حالة زوج اتهم زوجته، يقوم بالشهادة [[أربع شهادات]] كناية عن الأربع شهود الذين يشهدون على زوجات الآخرين بالزنا، ثم تتم عملية ما يسمى اللعان و [[يتم التفريق]] بينهما.
نعود لسياق الآية فالحديث عن الذي وقع في الزنا، وحدثت خيانة زوجية، ووجد [[أربع شهود]]، وتمت المعاقبة بالجلد مئة جلدة، وشهد الناس تلك العقوبة، فإن الأمر يقتضي [[التفريق]] بين الزاني الخائن وزوجته أو الزانية الخائنة وزوجها، والدليل قوله تعالى في أول آيات سورة الطلاق يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [[لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ]] إِلاَّ أَن يَأْتِينَ [[بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ]]﴾ [الطلاق:1]
وبالطبع باب التوبة مفتوح ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ [[وَلا يَزْنُونَ]] وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * [[إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ]] وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * [[وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ]]﴾ [ الفرقان : 68-71
لكن ذلك الذي أقيمت عليه العقوبة ولم يتب، فمن يقبل بأن يتم معه عقد نكاح فإنه زان مثله فهو يقبل بتعدد العلاقات ويمارس تعدد العلاقات خارج الزواج، وإن لم يكن مثله يقبل بتعدد العلاقات ولا يمارسها إلا أنه ارتبط بشخص سمح له بتعدد العلاقات والخيانة الزوجية لذا فهو شريك في الزنا. لذا يمنع على المؤمن أن يقبل نكاح من أقيم عليه الحد وتم تفريقه ولم يتب.
في الختام نجد أنه لا حد "عقوبة منصوص عليها" في ممارسة الفاحشة على الأعزب والعزباء الغير محصنين بعقد نكاح، لا في المخادنة ولا المسافحة ولا البغاء، نعم هناك عقوبة تعزيرية عندما تكون الممارسة علنية وبوجود أربعة شهود، أما من يرغب باقتراح عقوبة تعزيرية على تلك الفواحش دون وجود الشهود فالأمر راجع للمجتمع وسن قوانين تناسب عاداتهم وتقاليدهم لكن لا ينسب ذلك للوحي، فالوحي صالح لكل زمان ولكل مكان ولكل المجتمعات، الوحي حصر الحد بمن انتهك رباط مقدس وقام بالخيانة بعدما أحصن بعقد نكاح زواج أو ملك يمين.
التعليقات على الموضوع (3)